مصیر أسعار الفائدة في مصر- توقعات متباينة وقرار مرتقب للبنك المركزي

تتجه أنظار المراقبين عن كثب نحو البنك المركزي المصري، حيث يترقب الجميع باهتمام بالغ اجتماع لجنة السياسات النقدية المرتقب خلال الأسبوع الجاري. تتضارب التكهنات والتحليلات حول المسار الذي ستتخذه أسعار الفائدة، وذلك في ظل تصاعد وتيرة التضخم وتأثيرات الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود والمحروقات.
بينما يرى فريق من الخبراء والمحللين أن الهامش الواسع والملحوظ بين مستويات الفائدة ومعدلات التضخم يمثل فرصة سانحة ومبرراً لخفض جديد في أسعار الفائدة، تحذر أصوات أخرى من التسرع في اتخاذ هذه الخطوة، خشية تأجيج الضغوط التضخمية المتزايدة، خاصة مع الأوضاع الجيوسياسية المضطربة وقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. ومن المؤكد أن القرار الذي ستتخذه لجنة السياسات النقدية سيكون له تأثير كبير في رسم ملامح المرحلة الاقتصادية القادمة في مصر وتحديد مسارها.
وفي تصريح خاص وحصري لـ «عكاظ»، رجح الخبير المصرفي المرموق محمد عبدالعال أن يقوم البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، أي 25% للإيداع و26% للإقراض. ويعزو عبدالعال هذا التوقع إلى عدة عوامل، من بينها الارتفاع الملحوظ في معدل التضخم السنوي، الذي وصل إلى 13.5% في شهر أبريل 2025، مقارنة بـ 13.1% في شهر مارس، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. بالإضافة إلى ذلك، أعرب عبدالعال عن تخوفه من التأثير المحتمل لزيادة أسعار المحروقات على أسعار السلع والخدمات المختلفة خلال شهر مايو.
في المقابل، تقدم هبة منير، محللة الاقتصاد الكلي، رؤية مغايرة، حيث تتوقع أن تتجه لجنة السياسة النقدية إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، وذلك بهدف تنشيط النمو الاقتصادي وتحفيزه، خاصة في ظل الاستقرار النسبي الذي تشهده الأوضاع الاقتصادية على الصعيدين المحلي والدولي مقارنة بالشهر الماضي.
وأشارت منير إلى أن الاقتصاد المصري أظهر قدرة ملحوظة على استيعاب الضغوط التضخمية واحتوائها، ورغم أن مستوى التضخم لا يزال أعلى من الأهداف التي حددها البنك المركزي المصري، إلا أنه يسير في اتجاه نزولي مدفوعاً بتأثير سنة الأساس. كما أكدت أن تجارة الفائدة في مصر لا تزال تتمتع بجاذبية كبيرة للمستثمرين.
وتعزز منير توقعاتها بالإشارة إلى الفارق الكبير بين الفائدة الحقيقية (التي يتم حسابها عن طريق طرح معدل التضخم من الفائدة الاسمية)، وهو ما يتيح للبنك المركزي هامشاً من المرونة لتيسير السياسة النقدية. فما دام معدل التضخم لا يزال ضمن النطاق المقبول الذي يقل عن 14%، فإن ذلك يسمح بخفض محدود في أسعار الفائدة دون تعريض استقرار الأسعار للخطر.
كما تستند منير في توقعاتها إلى أن الإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة طويلة من شأنه أن يثقل كاهل النمو الاقتصادي ويزيد من التكاليف التضخمية.
جدير بالذكر أن هذا الاجتماع يأتي في أعقاب قرار تاريخي بخفض أسعار الفائدة في شهر أبريل 2025 بمقدار 225 نقطة أساس، وهو الخفض الأول من نوعه منذ شهر نوفمبر 2020، حيث تراجع سعر الإيداع إلى 25% وسعر الإقراض إلى 26%.